سفارش تبلیغ
صبا ویژن

    

 

 السلام علیکم و رحمة الله و برکاته
الحمد لله رب العالمین و الصلاة و السلام علی نبینا محمد و آله الطیبین و صحبه المنتجبین
قال الله العزیز الحکیم : بسم الله الرحمن الرحیم ( یَا أَیُّهَا النَّبِیُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْکَافِرِینَ وَالْمُنَافِقِینَ إِنَّ اللَّهَ کَانَ عَلِیمًا حَکِیمًا وَاتَّبِعْ مَا یُوحَى إِلَیْکَ مِن رَّبِّکَ إِنَّ اللَّهَ کَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِیرًا وَتَوَکَّلْ عَلَى اللَّهِ وَکَفَى بِاللَّهِ وَکِیلا )
أرحّب بالحضور الکرام و الضیوف الأعزاء
إن ما جمعنا هنا هو الصحوة الإسلامیة ، أعنی حالة النهوض و الوعی فی الأمة الإسلامیة ، التی أدت إلى تحوّل کبیر بین شعوب المنطقة ، والى انتفاضات و ثورات لم تکن تستوعبها أبداً محاسبات الشیاطین الاقلیمیین و العالمیین. ثورات عظیمة هدمت قلاع الاستبداد و الاستکبار و ألحقت الهزیمة بحرّاسها.
إن مما لاشک فیه أن التطورات الاجتماعیة الکبری تستند دائماً الی خلفیة تأریخیة و حضاریة ، و هی حصیلة تراکم معرفی و تجارب طویلة. فی الأعوام المائة و الخمسین الماضیة کان حضور الشخصیات الفکریة والجهادیة الکبیرة و الفاعلة الإسلامیة فی مصر و العراق و إیران و الهند و البلدان الأخری الآسیویة و الأفریقیة مقدمة تمهیدیة لهذا الوضع الحالی فی دنیا الإسلام .
إنّ ماجری فی العقدین الخامس و السادس من القرن الماضی المیلادی فی عدد من البلدان من تطورات أدت إلی تولّی أنظمة تمیل غالباً إلی مدارس فکریة مادیة ، وقد تورّطت بمقتضى طبیعتها بعد أمد فی شراک القوی الاستکباریة و الاستعماریة الغربیة ، إنما هو أیضاً من التجارب الملیئة بالعبر و مما کان له سهم وافر فی بلورة الأفکار العامة و العمیقة فی دنیا الإسلام.
إن ما شهدته إیران من ثورة إسلامیة کبری هی علی حد تعبیر الإمام الخمینی العظیم انتصار الدم علی السیف ، و إقامة نظام متجذّر و مقتدر و شجاع و متطوّر و موثّر فی الصحوة الإسلامیة الراهنة ، هو أیضاً یشکل فصلاً مُسهباً یحتاج الی بحث و تحقیق ، و سیستوعب حتماً مساحة هامة فی تحلیل و تدوین الوضع الحالی لدنیا الإسلام .
و الحصیلة أن الحقائق المتزایدة الحالیة فی دنیا الإسلام ، لیست بالحوادث المنفصلة عن جذورها التأریخیة و أرضیتها الاجتماعیة و الفکریة ، ولذلک من العبث أن یعمد الأعداء أو السطحیون الی اعتبارها موجة عابرة و حادثة سطحیة ، و أن یحاولوا بتحلیلاتهم المنحرفة و المغرضة إطفاء شعلة الأمل فی قلوب الشعوب.
إننی فی حدیثی الأخوی هذه أرید أن أقف عند ثلاث نقاط أساسیة :
1- إلقاء نظرة مجملة علی هویة هذه النهضات و الثورات .
2- الآفات و الأخطار و العقبات الکبری التی تقف فی طریقها.
3- اقتراحات بشأن مواجهة هذه الآفات و الأخطار و معالجتها.

کلمة الإمام الخامنئی لمؤتمر الصحوة الإسلامیة العالمی

1- فی الموضوع الأول ، أعتقد أن أهم عنصر فی هذه الثورات الحضور الواقعی و الشمولی للشعوب فی میدان العمل و ساحة النضال و الجهاد ، لا فقط بقلبهم و بعواطفهم و إیمانهم ، بل أیضاً بأجسامهم و إقدامهم.
إن الفرق کبیر و عمیق بین مثل هذا الحضور ، و بین انقلاب یقوم به جمع من العسکریین أو مجموعة مناضلة مسلحة أمام شعب لایتفاعل معهم أو حتی أن لا یکون راضیاً عنهم.
فی حوادث العقدین الخامس و السادس من القرن المیلادی الماضی کان عبء الثورات فی عدد من بلدان آسیا و أفریقیا لاتحمله الجماهیر و الشباب ، بل تنهض به مجموعات انقلابیة أو فئات صغیرة و محدودة مسلحة. أولئک عزموا و أقدموا ، ولکن حین غیروا هم أو الجیل الذی تلاهم طریقهم علی أثر دوافع و عوامل عدیدة فإن الثورات قد انقلبت الی ضدها و عاد العدو لیفرض سیطرته مرة أخری.
إن هذا یختلف کل الاختلاف مع تغییر تنهض به جماهیر الشعب التی تندفع بأجسامها و أرواحها إلی المیدان و تطرد العدو من الساحة.
و هنا ، وهنا فقط تصنع الجماهیر شعاراتها ، و تعیّن أهدافها و تشخّص عدوّها و تفضحه و تتعقبه ، و ترسم - ولو بإجمال
¬- مستقبلها ، و بالنتیجة تقطع الطریق أمام الخواص المداهینین و الملوثین بل أمام المندسّین و بذلک تحول دون الانحراف و مداهنة العدو و تغییر المسیر.
إن التحرک الجماهیری قد یؤدّی إلی تأخر الانتصار النهائی للثورة ، ولکنه یبتعد عن السطحیة و عن عدم الثبات. إنه الکلمة الطیبة التی قال عنها سبحانه :
(أَلَمْ تَرَ کَیْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً کَلِمَةً طَیِّبَةً کَشَجَرةٍ طَیِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِی السَّمَاء)
إننی حین رأیت التجمع الجماهیری الضخم المقاوم للشعب المصری الفخور من شاشة التلفزیون فی میدان التحریر أیقنت أن هذه الثورة منتصرة بإذن الله.
أذکر لکم هذه الحقیقة و هی : أنه بعد انتصار الثورة الإسلامیة و إقامة النظام الإسلامی فی إیران و ما نزل علی أثر ذلک من زلزال عظیم هزّ القوی الطامعة الشرقیة و الغربیة و ما ولّده من موجة هائلة فریدة بین الشعوب المسلمة.. کنا نتوقع أن مصر سوف تنهض قبل غیرها . والذی أثار فی قلوبنا هذا التوقع ما کنا نعرفه عن مصر من تاریخ جهادی و فکری و لما أنجبته من شخصیات مجاهدة و فکریة کبری. لکننا لم نسمع صوتاً واضحاً من مصر. کنت مع نفسی أخاطب الشعب المصری بقول أبی فراس الحمدانی :
أراک عصیّ الدمع شیمتک الصبر أما للهوی نهى علیک و لا أمر ؟
ولکن حین تدفقت الجماهیر المصریة إلی ساحة التحریر و الساحات المصریة الأخری سمعت الجواب ، فإن الشعب المصری کان یقول لی بلسان قلبه :
بلی أنا مشتاق و عندی لوعة ولکن مثلی لایذاع له سرُّ
هذا السّر المقدس ، یعنی العزم علی الثورة قد تبلور و نضج فی أعماق الشعب المصری بالتدریج ، و تجلّی بإذن الله و بحوله و قوته فی الساحة بشکله العظیم.
تونس و الیمن و لیبیا و البحرین سوف تجری علی نفس هذه القاعدة إن شاء الله تعالی . ( وَمِنْهُمْ مَّن یَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُواْ تَبْدِیلاً )
فی مثل هذه الثورات ، الأصول و القیم و الأهداف لم تدوّن فی مشاریع مسبقة علی ید الفئات و الأحزاب ، بل هی مدوّنة فی أذهان کل أفراد الشعب المتواجد فی الساحة و فی قلوبهم و إرادتهم ، ومعلنة و مثبتة فی شعاراتهم و سلوکهم.
بهذه المحاسبة یمکن بوضوح تشخیص أن أصول الثورات الحالیة فی مصر و بقیة البلدان تتجلّی بالدرجة الأولی فیما یلی :
- إحیاء وتجدید العزة و الکرامة الوطنیة التی انتُهکت علی ید الهیمنة الدکتاتوریة للحکام الفاسدین و السلطة السیاسیة لأمریکا و الغرب.
- رفع رایة الإسلام الذی یمثل العمق العقائدی و العاطفی للشعب و توفیر الأمن النفسی و العدالة و التقدم و التفتح مما لایتحقق إلاّ فی ظلّ الشریعة الإسلامیة .
- الصمود أمام النفوذ و السیطرة الأمریکیة و الأُوربیة التی أنزلت خلال أعوام أکبر الضربات و الخسائر و الإهانات بشعوب هذه البلدان.
- نضال الکیان الصهیونی الغاصب و دولته اللقیطة التی غرسها الاستعمار مثل خنجر فی خاصرة بلدان المنطقة و جعلها وسیلة لاستمرار سلطته المتجبرة ، و شرّد شعباً من أرضه التأریخیة.
مما لاشک فیه أن تبنّی ثورات المنطقة لهذه الأصول و سعیها لتحقیقها لاینسجم مع رغبات أمریکا و الغرب و الصهیونیة ، و هولاء یبذلون ماوسعهم من جهد لینکروا ذلک ، لکن الواقع لایتغیّر بإنکاره.
إن شعبیة هذه الثورات هی أهم عنصر فی تشکیل هویتها . القوی الطامعة بذلت کل جهدها و مارست کل أسالیبها الملتویة لحفظ الحکام المستبدّین و الفاسدین و التابعین فی هذه البلدان ، ولم تکفّ عن دعمهم إلاّ حینما انقطع أملها علی أثر ثورة الجماهیر و عزمها.
من هنا فإن هذه القوی لایحق لها أن تعتبر نفسها مساهمة فی هذه الثورات. وفی بلد مثل لیبیا لایستطیع تدخّل أمریکا و الناتو أن یکدّر هذه الحقیقة. فی لیبیا أنزل الناتو خسائر فادحة لاتعوّض. لو لم یکن هذا التدخّل فإن انتصار الشعب اللیبی کان من الممکن أن یتأخر قلیلاً ، ولکن سوف لاینزل بالبلد کل هذا الدمار فی بُناه التحتیة ، و لاتزهق کل هذه الأرواح من النساء و الأطفال ، و لا یدّعی اولئک الأعداء الذین کانت یدهم لسنوات بید القذافی بأنّ لهم حق التدخّل فی هذا البلد المظلوم المُدمّر.
إن جماهیر الشعب و النخب الجماهیریة و الذین انطلقوا من الجماهیر هم أصحاب هذه الثورات و الأمناء علی حراستها و الذین یرسمون مستقبلها و یدفعون بعجلتها إن شاء الله تعالی.

2- موضوع الآفات و الأخطار.. لابد من التأکید اولاً أن الآفات و الأخطار موجودة ، ولکنّ هناک أیضاً سبلاً للوقایة منها. لاینبغی أن تکون الأخطار مبعث خوف الشعوب ، دعوا الأعداء یخافوکم و اعلموا ( إِنَّ کَیْدَ الشَّیْطَانِ کَانَ ضَعِیفًا ) ربّ العزة و الجلال یقول بشأن فئة من المجاهدین فی عصر الرسالة : ( الَّذِینَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَکُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِیماناً وَ قالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَکِیلُ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَ فَضْلٍ لَمْ یَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَ اتَّبَعُوا رِضْوانَ اللَّهِ وَ اللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِیمٍ ).
لابدّ من معرفة الأخطار والآفات للوقایة من الحیرة و التردید عند مواجهتها ، و لنکون على معرفة مسبقة بتشخیص علاجها.
إننا واجهنا هذه الأخطار بعد انتصار الثورة الإسلامیة و عرفناها و جربناها و خرجنا من أکثرها بسلام بفضل الله و قیادة الإمام الخمینی و وعی جماهیرنا وبصیرتهم و تضحیاتهم . طبعاً لایزال الأعداء یحوکون المؤامرات ولایزال الشعب یقاوم بعزیمة راسخة لا تلین.
إننی أقسّم هذه الأخطار و الآفات علی قسمین : ماکان له جذور فی داخلنا و ینبثق من ضعفنا ، وماکان نتیجةً مباشرةً لتخطیط أعدائنا.
القسم الأول هو من قبیل : الشعور و الظن بأن سقوط الحاکم العمیل و الفاسد و الدیکتاتور هو نهایة الطریق. إن هذا سوف یبعث علی الارتخاء و راحة البال و الغرق فی نشوة النصر ، وما یتبع ذلک من ضعف الدوافع و هبوط العزائم. هذا هو الخطر الأول . و سوف یتفاقم هذا الخطر حین یعمد أشخاص إلی الحصول علی سهم خاص فی الغنیمة. ماجری فی " معرکة أُحد " حیث طمع المحافظون علی مضیق الجبل بالغنیمة وما أدّی ذلک إلی هزیمة المسلمین و إلی لوم ربّ العالمین إنما هو نموذج بارز ینبغی أن لاننساه أبداً.
إن الشعور بالخشیة من الهیمنة الظاهریة للمستکبرین و الإحساس بالخوف من أمریکا و سائر القوی الطامعة ، خطر آخر من هذا القبیل ، و لا بّد من توقّیه. النخب الشجاعة و الشباب یجب أن یطردوا من قلوبهم هذا الخوف .
إن الثقَة بالعدوّ و الانخداع بابتسامته و وعوده و دعمه إنما هو من الآفات الکبری الأخری التی یجب أن یحذر منها بشکل خاص النخب و قادة المسیرة . یجب معرفة العدوّ بعلاماته مهما تلبس من لباس ، و صیانة الشعب و الثورة من کیده الذی یدبره فی مواضع خلف ستار الصداقة و مّد ید المساعدة . و من جانب آخر قد یعتری الأفراد غرور و یحسبون العدوّ غافلاً، لا بّد من اقتران الشجاعة بالتدبیر و الحزم و حشد کل الإمکانات الإلهیة فی وجودنا لمواجهة شیاطین الجنّ و الإنس .
إثارة الاختلافات و خلق الصراعات بین الثوریین و الاختراق من خلف جبهة النضال هی أیضاً من الآفات الکبری التی یجب الفرار منها بکل ما أوتینا من قوة .
أما أخطار القسم الثانی:
فإن شعوب المنطقة قد خبرتها غالباً فی الحوادث المختلفة . و أولها تولّی الأمور عناصر تعتقد أن لها التزامات أمام أمیرکا و الغرب . الغرب یسعی بعد السقوط الإظطراری للعناصر التابعة أن یحافظ علی أصل النظام و المحاور المفصلیة للقدرة و یضع رأساً آخرعلى هذا البدن وبذلک یواصل فرض سیطرته . و هذا یعنی إهدار کل المساعی و الجهود ، و فی هذه الحالة إن واجهوا مقاومة الجماهیر و وعیها فسوف یسعون إلی بدائل انحرافیة أخری یضعونها أمام الثورة و الجماهیر . هذه البدائل یمکن أن تتمثل باقتراح نماذج للحکم و الدستور تدفع بالبلدان إلاسلامیة مرة أخری الی شراک التبعیة الثقافیة و السیاسیة و الاقتصادیة للغرب ، ویمکن أن تتمثل فی اختراق صفوف الثورة و تقدیم الدعم المالی و الإعلامی لتیار مشکوک و عزل التیارات الثوریة الأصلیة . و هذا یعنی أیضاً عودة تسلط الغرب و تثبیت النماذج المتهرئة الغربیة والبعیدة عن مبادئ الثورة ثم سیطرة الأجنبی علی الأوضاع .
و لو أن هذه الخطط لم تفلح بأجمعها فإن تجربتنا تقول إنهم سیعمدون إلی أسالیب منها إثارة الفوضى و الاغتیالات و الحرب الداخلیة بین أتباع الأدیان أو القومیات و القبائل و الأحزاب ، بل بین الشعوب و البلدان الجارة ، إلی جانب و فرض الحصار الاقتصادی و المقاطعة و تجمید الأرصدة الوطنیة و أیضاً الهجوم الشامل الإعلامی و الدعائی . إن الهدف من وراء کل ذلک جعل الشعوب تشعر بالتعب و الیأس ، و الثوار بالتردید و الندم ، و الأعداء یعلمون أن مثل هذه الحالة تجعل هزیمة الثورة ممکنة و میسورة . اغتیال النخب الصالحة و الفاعلة و الإساءة إلی سمعة الآخرین ، و من جهة أخری شراء ذمم العناصر الهزیلة هی أیضاً من الأسالیب المتداولة للقوی الغربیة و أدعیاء التمدن والأخلاق!!
إن وثائق وکر التجسس الأمریکی التی وقعت بید الثورة الإسلامیة فی إیران الإسلام ، أوضحت بدقة أن کل هذه الدسائس قد خطط لها نظام الولایات المتحدة الأمریکیة . إعادة الرجعیة و الاستبداد و الحاکمیة التابعة فی البلدان الثوریة مبدأ یجیز لهم ممارسة کل هذه الأسالیب القذرة .
3- و فی آخر قسم من حدیثی أضع أمام تشخیصکم و انتخابکم توصیات استقیها من تجاربنا العینیة فی إیران و من مطالعة دقیقة لبقیة البلدان .
من المؤکد أن ظروف الشعوب و البلدان لیست علی نحو واحد فی جمیع الأمور. لکن ثمة بیّنات تستطیع أن تکون للجمیع مفیدة.
أول الحدیث هو أنه من الممکن التغلب علی کل هذه الموانع الآفات و اجتیازها اجتیازاً منتصراً بالاتکال علی الله و الاعتماد علیه و حسن الظن بما ورد فی کتابه العزیز من وعد بالنصر ، و التحلّی بالتعقل و العزم و الشجاعة ، إنکم طبعاً قد نهضتم بعمل کبیر کبیر و مصیری. لذلک لا بّد أن تتحملوا من أجله أیضاً متاعب کبیرة ، أمیر المؤمنین علی علیه السلام یقول: « فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ یَقْصِمْ جَبَّارِی دَهْرٍ قَطُّ إِلَّا بَعْدَ تَمْهِیلٍ وَ رَخَاءٍ وَ لَمْ یَجْبُرْ عَظْمَ أَحَدٍ مِنَ الْأُمَمِ إِلَّا بَعْدَ أَزْلٍ وَ بَلَاءٍ وَ فِی دُونِ مَا اسْتَقْبَلْتُمْ مِنْ عَتْبٍ وَ مَا اسْتَدْبَرْتُمْ مِنْ خَطْبٍ مُعْتَبَر...»
توصیتی الهامة أن تروا أنفسکم دائماً فی الساحة :
(فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ) و اجعلوا الله سبحانه نصب أعینکم و ثقوا بأنه فی عونکم ( وَإِلَى رَبِّکَ فَارْغَبْ )
و أن لا تکون الانتصارات مبعث غرور و غفلة : ( اِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَ الْفَتْحُ وَ رَاَیْتَ النّاسَ یَدْخُلُونَ فی دینِ اللهِ اَفْواجاً فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّکَ وَ اسْتَغْفِرْهُ اِنَّهُ کانَ تَوّاباً ) هذه دعامات حقیقیة لکل شعب مؤمن .
توصیتی الأخری إعادة قراءة أصول الثورة بشکل مستمر . الشعارات و الأصول یجب أن تخضع للتنقیح و التطبیق مع أصول الإسلام و محکماته. الاستقلال و الحریة و العدالة ، و عدم الاستسلام أمام الاستبداد و الاستعمار ، و رفض التمییز القومی و العنصری و المذهبی، و رفض الصهیونیة رفضاً صریحاً وهی التی تشکل أرکان النهضات المعاصرة فی البلدان الإسلامیة ، هی بأجمعها مستقاة من الإسلام و القرآن .
دوّنوا مبادئکم ، و حافظوا بحساسیة کبیرة علی أصالتکم ، و لا تدعوا أعداءکم یدوّنون نظام مستقبلکم ، لا تدعوا أصولکم الإسلامیة تُقدم قرباناً علی مذبح المصالح العابرة .
الانحراف فی الثورات یبدأ من الانحراف فی الشعارات و الأهداف ، لا تثقوا إطلاقاً بأمریکا و الناتو و بالأنظمة المجرمة مثل بریطانیا و فرنسا و إیطالیا التی جثمت لأمد طویل علی صدور بلدانکم و وزّعت بینها بلدانکم و نهبت ثرواتکم ، تعاملوا معها بسوء ظن و لا تصدّقوا ابتساماتهم ، فوراء هذه الابتسامات و الوعود تکمن الخیانات و المؤامرات. ابحثوا عن حلولکم من منبع الإسلام الفیّاض وردّوا وصفات الأجانب إلیهم .
توصیتی المهمة الأخری الحذر من الاختلافات المذهبیة و القومیة و العنصریة و القبلیة و الحدودیة . اعترفوا بالتفاوت و وجّهوه بإدارة حاذقة . التفاهم بین المذاهب مفتاح النجاة .
أولئک الذین یضرمون نیران التفرقة المذهبیة أو یعمدون إلی تکفیر هذا و ذاک ، هم عملاء الشیطان و جنده حتی لو لم یعلموا هم بذلک .
إقامة النظام عمل کبیر و أساسی ، إنه عمل معقد و صعب . لا تدعوا النماذج العلمانیة أو اللیبرالیة الغربیة ، أو القومیة المتطرفة ، أو الاتجاهات الیساریة المارکسیة تُفرض علیکم .
إن ا لمعسکر الشرقی قد انهار و المعسکر الغربی یتوسل بالعنف و الحرب و الخدعة، لیحافظ على بقائه و لیس له عاقبة خیر متصورة فی الأفق.
مرور الزمان بضررهم و لصالح تیار الإسلام.الهدف النهائی یجب أن یتمثل فی التوجه نحو الأمة الواحدة الإسلامیة و بناء الحضارة الإسلامیة الجدیدة علی أساس الدین و العقلانیة و العلم و الأخلاق.
تحریر فلسطین من مخالب الوحش الصهیونی هو أیضاً هدف کبیر . بلدان البلقان و القفقاس و آسیا الغربیة قد تحررت من سیطرة الاتحاد السوفیتی السابق بعد ثمانین سنة من الاحتلال ، فلماذا لا تستطیع فلسطین المظلومة بعد سبعین سنة أن تتحرر من أسر السیطرة الصهیونیة ؟!
الجیل المعاصر فی البلدان الإسلامیة له قدرة النهوض بمثل هذا العمل الکبیر. جیل الشباب مبعث افتخار مَنْ سبقه من أجیال . یقول الشاعر العربی:
قالوا:أبو الصخر من شیبان قلت لهم کلا لعمری و لکن منه شیبانُ
و کم أبٍ قد علا بابنٍ ذُری شَرَفٍ کما عـلا برسولِ الله عدنانُ
ثقوا بجیل شبابکم أحیوا روح الثقة بالنفس فی وجودهم و غذّوهم بتجارب الآباء و الأجداد .
و ثمة ملاحظتان مهمتان فی هذا المجال :
الأولى : أن أحد أهم مطالب الشعوب الثائرة و المتحررة أن یکون لها الحضور و أن یکون لأصواتها الدور الحاسم فی إدارة البلاد.
و لما کانت هذه الشعوب مؤمنة بالإسلام فإن مطلوبها هو « نظام السیادة الشعبیة الإسلامی » أی إن الحکام یُنتخبون وفق تصویت الناس، و أن تکون القیم و الأصول الحاکمة علی المجتمع وفق أصول قائمة علی المعرفة و الشریعة الإسلامیة .
و هذا یمکن تحقیقه فی البلدان المختلفة بأسالیب و أشکال مختلفة بمقتضی ظروفها، لکن یجب المراقبة بحساسیة کاملة کی لا یختلط هذا المشروع بالدیمقراطیة اللیبرالیة الغربیة . الدیمقراطیة الغربیة العلمانیة أو المعادیة للدین أحیاناً لیس لها أی ارتباط بسیادة الشعب الاسلامیة الملتزمة بالقیم و بالخطوط الأصلیة الإسلامیة فی نظام البلاد .
الملاحظة الثانیة أن التوجه الإسلامی یجب أن لا یختلط بالتحجّر و القشریة و التعصب الجاهل و المتطرف .
لا بدّ أن یکون الفاصل بین هذین الاثنین واضحاً. التطرف الدینی المقرون غالباً بالعنف الأعمی هو عامل التخلف و الابتعاد عن الأهداف السامیة للثورة ، و هذا بدورة عامل ابتعاد الجماهیر و فی النتیجة سیکون عامل فشل الثورة.
خلاصة الحدیث أن الکلام عن الصحوة الإسلامیة لیس بحدیث عن مفهوم مبهم غیر شخص و یقبل التأویل و التفسیر . إنه حدیث عن واقع خارجی مشهود و محسوس ملأ الأجواء و فجّر الثورات الکبری و أسقط عناصر خطرة فی جبهة الأعداء و أخرجهم من الساحة . و مع ذلک فالساحة لا تزال هشّة و تحتاج إلی بلورة و إلی تحقیق الأهداف النهائیة .
الآیات التی تلیت فی مطلع الحدیث تشتمل علی منهج کامل للعمل و له الفاعلیة الدائمة و خاصة فی هذه البرهة الحساسة المصیریة . إنها تخاطب النبی الأکرم صلی الله علیه و آله و سلم لکننا جمیعا فی الواقع مخاطبون بها و مکلفون .
أول توصیة فی هذه الآیات بالتقوی بمعناها السامی و الواسع ، ثم رفض الطاعة للکافرین و المنافقین ، ثم اتباع الوحی و بالتالی التوکل علی ألله و الاعتماد علیه .
مرة أخری أمرّ علی هذه الآیة الکریمة : ) بسم الله الرحمن الرحیم یَا أَیُّهَا النَّبِیُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْکَافِرِینَ وَالْمُنَافِقِینَ إِنَّ اللَّهَ کَانَ عَلِیمًا حَکِیمًا وَاتَّبِعْ مَا یُوحَى إِلَیْکَ مِن رَّبِّکَ إِنَّ اللَّهَ کَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِیرًا وَتَوَکَّلْ عَلَى اللَّهِ وَکَفَى بِاللَّهِ وَکِیلا )

و السلام علیکم و رحمة الله و برکاته              


[ شنبه 90/6/26 ] [ 3:46 عصر ] [ علی آلیانی ] [ نظر ]
.: Weblog Themes By WeblogSkin :.

منتقدانه
.. و زمانی که قائم ما ظهور کند، ندا در دهد: آگاه باشید ای جهانیان! که منم امام قائم.. آگاه باشید ای اهل عالم که منم شمشیر انتقام گیرنده.. بیدار باشید ای اهل عالم که جد من حسین را تشنه کام کشتند.. بیدار باشید ای اهل عالم که جد من حسین را عریان روی خاک افکندند.. آگاه باشید ای جهانیان که جد من حسین را از روی کینه توزی پایمال کردند.. *یالثارات الحسین علیه السلام*
قالب وبلاگ

سلام

و اینک متن عربی بیانات رهبری در کنفرانس بیداری اسلامی:

 
درباره وبلاگ

لینک دوستان
برچسب‌ ها
امکانات وب
ایران رمان